(1)
نص البيان الذي اصدره آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره
بمناسبة الانتفاضة الشعبية في العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. وبعد فان البلاد تمر في هذه الايام بمرحلة عصيبة تحتاج فيها الى حفظ النظام و استتباب الامن و الاستقرار و الاشراف على الامور العامة و الشؤون الدينية و الاجتماعية تحاشيا من خروج المصالح العامة عن الادارة الصحيحة الى التسبيب و الضياع .
من اجل ذلك نجد ان المصلحة العامة للمجتمع تقتضي هنا تعيين لجنة عليا تقوم بالاشراف على ادارة شؤونه كلها بحيث يمثل رأيها رأينا ، وما يصدر عنها يصدر عنا وقد اخترنا لذلك نخبة من اصحاب الفضيلة العلماء المذكورة اسماؤهم أدناه ممن نعتمد على كفائتهم وحسن تدبيرهم، فعلى ابنائنا المؤمنين إتباعهم وإطاعتهم و الانصياع الى اوامرهم وارشاداتهم ومساعدتهم في انجاز هذه المهمة.
نسال الله عزوجل ان يوفقهم لأداء الخدمة العامة التي ترضيه سبحانه وتعالى ورسوله (ص).
الله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
1- السيد محيي الدين الغريفي 2- السيد محمد رضا الموسوي الخلخالي
3- السيد جعفر بحر العلوم 4- السيد عز الدين بحر العلوم
5- السيد محمد رضا الخرسان 6- السيد محمد السبزواري
7- الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي 8- السيدمحمدتقيالخوئي
النجف الاشرف في العشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1411 هـ
ملحوظة لقد تقرر اضافة السيد محمد صالح و السيد عبد الرسول الخرسان الى اللجنة المذكورة اعلاه .
في 21 شعبان 1411 هـ
الختم الشريف
(2)
(3)
نص الفتوى التي اصدرها آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره
بمناسبة الانتفاضة الشعبية في العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
أبنائي الاعزاء المؤمنين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله على نعمه وآلائه والصلاة والسلام على افضل انبيائه محمد وعترته الاطهار .
وبعد، لاشك في ان الحفاظ على بيضة الاسلام، و مراعاة مقدساته امر واجب على كل مسلم، وانني بدوري اذ ادعو الله تبارك وتعالى ان يوفقكم لما فيه صلاح الامة الاسلامية .
اهيب بكم ان تكونوا مثالا صالحا للقيم الاسلامية الرفيعة برعاية الاحكام الشرعية رعاية دقيقة في كل اعمالكم ، وجعل الله تبارك وتعالى نصب اعينكم في كل ما يصدر منكم، فعليكم الحفاظ على ممتلكات الناس واموالهم واعراضهم، وكذلك جميع المؤسسات العامة لانها ملك الجميع والحرمان منها حرمان للجميع .
كما اهيب بكم بدفن جميع الجثث الملقاة في الشوارع وفق الموازين الشرعية، وعدم المثلة بأحد، فانها ليست من اخلاقنا الاسلامية وعدم التسرع في اتخاذ القرارات الفـردية غير المدروسة والتي تنافي والاحكام الشرعية والمصالح العامة .
حفظكم الله ورعاكم ووفـقكم لما يحب ويرضى انه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في 18 شعبان 1411 هـ
الخوئي
الختم الشريف
(4)
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة المهيب الرئيس احمد حسن البكر – وفقه الله
ان الدفاع عن مواطن المسلمين و ثروات ارضهم و في مقدمتها حماية نفطهم من اهم الواجبات الشرعية و اخطرها . و ان الوقوف عند هذا الحق بصلابة و ايمان مع الاعداء من افضل ضروب الرعاية لمصالح المسلمين و امانيهم .
نسأله تعالى ام يبارك جهدكم في حماية نفط هذا البلد الاسلامي من جميع الطامعين ، كما اسأله ان يحقق مصالح الامة الاسلامية و رفاهها و كرامتها و ان يوحد كلمة المسلمين على الحق و يؤيدهم بالنصر المؤزر و باخذ بايديهم الى ما فيه خيرهم و صلاحهم والله الهادي الى سواء السبيل .
ابوالقاسم الموسوي الخوئي
26/ربيع الثاني/1392 هجري
النجف الاشرف
(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكريات مؤلمة لا تنسىبقلم السيد جواد الخوئي
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الأنبياء و المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين .
و بعد، تمر علي الإنسان آلام و أحزان عبر مسيرته في هذه الحياة، وقد يعتريها النسيان بفعل تغير الحال و تبدل الظروف التي أحاطت به، لكن ذكريات المآسي التي عانتها مرجعية الامام الخوئي ( قدس سره ) لا تمحي من ذاكرة الأجيال، فقد عانت صنوف الإرهاب و التنكيل من قبل نظام لا يقيم وزناً للقيم و المبادي الإسلامية و الإنسانية .
و على ضوء هذا الواقع المرير و نظراً لاختفاء الرموز الحية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف في غياهب السجون الرهيبة إثر انتفاضة الخامس عشر من شعبان المباركة و نزوح أبرز المجاهدين إلي دول الجوار و المنافي البعيدة فقد ظلت فترة ما بعد الانتفاضة وما صاحبها من ضغوط مورست ضد المرجعية الدينية في النجف الأشرف و المتمثلة بالإمام الراحل السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي غائبة عن أذهان الكثيرين ممن أصبحوا بحكم الظروف الصعبة مضطرين إلي مغادرة الوطن بحثاً عن ملاذ آمن، لذا رأيت و بحكم قربي من هذه الأحداث المريرة أن أكتب عن الأحداث التي عشتها بعد الانتفاضة الشعبانية و ما رافقها من محن و آلام لا تغيب عن الذاكرة بما تحمله من صور التنكيل و العذاب .
إن الحديث عما جرى بعد الانتفاضة حديث مؤلم يبعث في النفس الأسى و الحزن بقدر ما بعث من فرحة غمرت الشارع العراقي المتطلع إلى الانعتاق من الدكتاتورية البغيضة .
واود التحدث بصراحة عن الذكريات المؤلمة التي تخفي على الكثيرين - كما أسلفت - لأرسم صورة حية عما عشته من أحداث بعد الانتفاضه، و أقصد بذلك الظروف و الملابسات التي أدت إلي وفاة المرحوم آية الله العظمي السيد أبوالقاسم الخوئي ( قدس سره ) و قد تركت الخوض في الحديث عما جري في الانتفاضة إلي من هم أقدر مني في الخوض في تفصيلاتها و الظروف التي أدت إلي اندلاعها و العوامل التي ساهمت في انتكاستها . فموضوع الحديث إذن يرتبط بالأيام الأخيرة للانتفاضة و أقصد بها هجوم القوات الخاصة و الحرس الجمهوري على مدينة النجف الأشرف و محاصرتها لمنزل الوالد الشهيد السيد محمدتقي الخوئي نجل الإمام و الذي كان منزله مقراً للانتفاضة و القيادة، و كان الإمام الراحل و من يلوذ به يسكن في دار أبي في تلك الأيام . و لا أنسي المواقف المشرفة للمنتفضين من أهالي المشخاب و الرميثة و الفاو و بعض من أهالي النجف الذي كانوا مرابطين حول دارنا - مكان إقامة السيد الخوئي - و الذي فدوا الإمام الراحل بأنفسهم، حيث مثلوا الشجاعة بأجلى صورها، و قد عرض بعضهم عليه تأمين المغادرة إلى إيران، و أبدوا استعدادهم لإيصاله إليها بسلام، إلا أن سماحته أجابهم بالنفي و أنه لم و لم يغادر مربض الأسود النجف الأشرف إطلاقاً، و أنه يفضل البقاء و مشاركة المؤمنين همومهم و آلامهم قائلاً : بماذا أجيب مولاي و سيدي أميرالمؤمنين عليه السلام و أنا أترك مدينته المقدسة نهباً للأحداث و الكوارث؟ و قال لأحد المقربين له حين أبدى قلقه مما سيجري في المستقبل : ألسنا على الحق؟ قال نعم . قال يكفينا هذا، و طلب من الشباب المؤمن مغادرة داره حفاظاً علي أنفسهم، فقد كان ( قدس سره ) يعلم ما تؤول إليه الأحداث من دخول الجيش إلى مدينة النجف الأشرف و إلقاء القبض عليه، قائلاً لهم : لا تربطوا مصيركم بمصيري بل تفرقوا عسى أن تصلوا إلى أهلكم بسلام، و هو ما يذكرنا بقول الإمام الحسين ( عليه السلام ) لأصحابه : ( هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً ) و قد كان ذلك في يوم 29 شعبان 1411 ، أما المتواجدين في بيت الإمام الراحل فهم إضافة إلى العائلة الكريمة , كل من السيد محمد تقي الخوئي و السيد إبراهيم الخوئي و السيد محمود الميلاني و السيد محمدرضا الخلخالي و السيد عزالدين بحر العلوم و السيد جعفر بحر العلوم و السيد جواد بحر العلوم و ثلاثة من الشباب المؤمنين القائمين على خدمة الإمام الراحل . و بعد ذلك بقينا في البيت ثلاثة أيام و كان غذاؤنا خلالها فقط الحليب و البسكويت .
و في اليوم الثالث من شهر رمضان 1411 ه ق و في الساعة الثانية بعدالظهر طلب مني عمي السيد إبراهيم الخوئي أن أصحبه لزيارة عائلته في حي الاشتراكي و الذي لا تفصله عن حي السعد إلا مسافة قريبة جداً، و ذلك لأن أخباره قد انقطعت عن أهله و كان عمري آنذاك تقريباً 12 سنه، و هو ما أبعد الأضواء عني نظراً لصغر سني .
و بعد أن أخذت الإذن من المرحوم السيد الوالد خرجت بصحبة عمي السيد إبراهيم متوجهين إلى حي الاشتراكي حيث يسكن، و هنا أشير إلى عدم علم الإمام الراحل بخروجنا من المنزل، و كانت الشوارع مقفرة لا حركة فيها إطلاقاً لأن الرعب و الخوف سيطر على الناس فلازموا بيوتهم لا يخرجون منها .
و عندما وصلنا إلي دار عمي السيد إبراهيم غمرت عائلته الفرحة بلقائه و الاطمينان على سلامته و سلامتنا معه، بعد أن كانوا قلقين لمشاهدتهم طائرات الهليكوبتر فوق منزل السيد محمدتقي الخوئي - و الذي فيه الإمام الخوئي - و بقينا هناك حوالي النصف ساعة و قد أصروا علينا بالبقاء للإفطار عندهم إلا أن السيد إبراهيم اعتذر لعدم علم الإمام الراحل بخروجه من المنزل و ربما سيقلق إذا علم بعدم وجودنا، عندها قالوا إذا كان الأمر كما تقولون فسنأتي نحن أيضاً إلى منزل السيد الخوئي، و عند رجوعنا إلى المنزل طرقنا الباب ففتحه لنا السيد محمود الميلاني و السيد جواد بحر العلوم، و ما أن أغلقنا الباب حتى أقبلت ثلاث سيارات عسكرية هبط منها مجموعة من الضباط برتب عالية و هم يحملون أجهزة اللاسلكي و يتكلمون بلهجة أهالي الموصل، إن ما يحيط بيتنا كان ملفتاً للنظر، إذ كانت تقف على مقربة منه سيارة إسعاف و سيارة إطفاء، إضافة علي الخنادق المحيطة به و التي كان يتحصن بها المجاهدون من الشباب، و كان الوقت قبل الإفطار و قد انتشر أفراد القوات الخاصة في المنطقة بمنزلنا، و كنت أراقب تحركاتهم من شرفتي في الطابق العلوي من المنزل و التي كانت مطلة على الشارع و رغم هذا الانتشار السريع للقوات الخاصة إلا أنهم لا يعلمون أين يقع منزل الإمام الراحل .
في هذا الجو الملبد بالإرهاب أقبل المرحوم الوالد - السيد محمد تقي الخوئي - على السادة المتواجدين في منزلنا طالباً منهم التهيؤ و الاستعداد للمصير المجهول، فتوضئوا و لبسوا عمائمهم و جلسوا في غرفة الاستقبال، منهم من يتلو القرآن الكريم، و منهم من يسبح و هو غارق في التفكير و كيف آلت الأمور إلى هذه الحالة .
أما أنا فكنت أراقب حركة الجيش المحيط بمنزلنا، فقد حركوا سيارة السيد جعفر بحر العلوم و كانت تحمل صورة الإمام الخوئي، و في أثناء تحريكهم للسيارة خرج أحد المجاورين لنا من داره فاستوقفوه و سألوه عن دار صاحب الصورة - الإمام الخوئي -, فأجابهم بعدم علمه، و سبق لي أن قلت : إن المجاهدين كانوا قد هيئوا بعض الملاجئ قرب منزلنا و عندما غادروا المنطقة و ضعوا أسلحتهم في هذا الملاجئ و ردموها، و تشاء الصدفة أن يعثر أحد الضباط بحمالة بندقية لم تدفن بصورة كاملة، فما كان منه إلا أن يتراجع و يتوقف ليصدر أوامره إلى أفراد القوات الخاصة بحفر الملاجئ حيث فوجئوا بالأسلحة المدفونة، عندها اتصل بمركز القيادة فجاءت عدة عربات محملة بالقوات الخاصه، إذ وصل عددهم إلى ما يقارب المأتين إضافة إلى جهاز الأمن الخاص و المخابرات، حيث تسلقوا أسطح المنازل و طوقوا المنطقة بصورة كاملة، و قد تسلقوا سطح منزلنا دون أن يعلموا أنه منزل السيد الخوئي، و لكن أحد أفراد القوات الخاصة لاحظ سيارة تحمل رقم (2 نجف ) داخل منزلنا فأخبر أحد الضباط الذي بدوره قال : إن هذا البيت هو بيت السيد الخوئي، فاقتحموا الباب و خلال دقائق معدودة امتلأت ساحة الدار بهم، أما الباب الداخلي فقد أخذوا يرمونه بالرصاص حتى فتحوه، و في هذا الوقت كان المرحوم السيد الوالد واقفاً خلف الحائط في الغرفة فأخذ الضباط ينادي بأعلى صوته : على من في الدار أن يخرج رافعاً يديه، فقال له السيد الوالد : أنا في البيت، فقال له : من أنت؟ قال : أنا محمد تقي الخوئي، فقال الضابط : نحن نبحث عنك و أنت هنا، أخرج و ارفع يديك إلى الأعلى وارم سلاحك، فقال له السيد الوالد : لا يوجد عندي سلاح، عندها أوصلوه إلى سيارة خارج البيت بعد الضرب و الإهانة و هناك تفاصيل أخرى لا أحب الخوض فيها .
و أعود إلى ما حدث داخل البيت، فقد كان المرحوم السيد الوالد قد أخبر السيد الخوئي قائلاً : توضأ فإن الجماعة قادمون، فلما جاءوا أخرجوه و وضعوه في سيارة عسكرية – تسمى في العراق دبل قمارة - حيث قال له الضابط : أنا عبد مأمور و علي تنفيذ الأوامر، وكان بيد الضابط ورقة بأسماء الموجودين في المنزل و يقرأ الأسماء و من ثم يقبض عليهم، و لما رأى السيد الوالد الإمام الراحل ترجل من السيارة التي وضع فيها، و أتى مهرولاً على الضابط قائلاً له : إن الوالد لا يستطيع الركوب في السيارة لأنها عالية فإذا أمكن خذوه بسيارته و أنتم تولوا قيادة السيارة، فقال له الضابط لا يمكن إلا في سياراتنا، فكان إثنان يسحبان السيد الخوئي و اثنان يدفعانه لضيق السيارة إلى أن أركبوه وكان معه السيد عزالدين بحرالعلوم و السيد محمدرضا الخلخالي كما وضعوا السيد جعفر بحرالعلوم و السيد الوالد و السيد إبراهيم الخوئي في سيارة أخرى، و السيد جواد بحرالعلوم و السيد محمود الميلاني في سيارة ثالثة، و كل سيارة عليها ثمانية أفراد من القوات الخاصة و هي تحمل سلاح يسمى بالأحادية .
و لا أنسى أن السيد الخوئي طلب من أحد الضباط إبقاء أحد السادة عند العائلة لأنهم بقوا لوحدهم، فقبل الضابط و قال للإمام الراحل نريد القبض عليك أنت المهم و نجلك السيد محمد تقي، و هنا قال السيد الخوئي للسيد محمدرضا الخلخالي أبقي عند العائلة لكن السيد الخلخالي بدوره رفض و قال كيف أبقى هنا و يقبضوا عليك مصيرنا من مصيرك .
و هكذا بقيت أنا و العائلة والأخوة الثلاثة من الشباب القائمين على خدمة الإمام الخوئي، و كانوا يداهمون البيت كل نصف ساعة للتفتيش، أتذكر في اليوم الآخر جاء شخص يرتدي بدلة مدنية يحمل بيده عصا و عمره ما يقارب الستين - أعتقد أنه كان من المخابرات - و خلفه مجموعة شباب كلهم أفندية أرادوا الذهاب لمكتبة الوالد السيد محمد تقي للتفتيش فقلت له : قبل قليل فتشوا المكتبة فأدار وجهه قائلاً للحمايه : صحيح، قالوا : نعم، و حين نزل السلم سألته والدتي : أين الإمام؟ فأجاب : هو بخير نحن عندنا شغل بمحمد تقي و مجيد فسألناه أين سيد مجيد، ابتسم و قال : إنه في صفوان .
والآن أروي لكم ما سمعته من المرحوم السيد الوالد، قال : أخذونا إلي فندق السلام ( الواقع في طريق كربلاء ) و ذلك قبل غروب الشمس فلما حل وقت الأذان لصلاة المغرب و العشاء أخذ السادة بالصلاة و بعد إتمام الصلاة سمعت الحرس الخاص يقولون : جاء السيد الرئيس و قد دهشت هل صحيح أن صدام حسين قد أتى، عندها قال لي أحد أفراد الحرس الخاص : السيد الرئيس بانتظارك، فلما دخلت القاعة رأيت المجرم طه ياسين رمضان جالساً إلي جنب السيد الخوئي و قد هيأوا لي مكاناً خاصاً، جلست فيه، فالتفت الجزراوي لي قائلاً : أنت شجاع تذهب إلي كربلاء خمس مرات، فقلت له : من الواضح أن الانتفاضة قد أثرت في الأجهزة الأمنية لأني خرجت مرة واحدة إلى الحرم الشريف ( حضرة أميرالمؤمنين عليه السلام ) و ألقيت بيان السيد الخوئي و لم أذهب إلى كربلاء المقدسة، فامتعض و بدا علي وجهه الغضب و قال لي : لسانك طويل ينبغي قصه، فقلت له : تسألني أجيبك و إذا لم تسألني فلا أتكلم، جلس الجزراوي خمس دقائق و هو لا يتكلم ثم خرج من القاعة غاضباً .
بعد دقائق معدودة جاء أحد الضابط و قال : أين محمد تقي الخوئي؟ فقلت له : أنا محمد تقي الخوئي، فقال : أنت و السيد الخوئي مطلوبان إلى بغداد، فقلت له : اسمح لي بأن يأتي معنا بعض المساعدين لأن السيد الخوئي لا يتمكن من الحركة بدونهم، فقال لي : لا يوجد مجال فقط أنت و الوالد، هذا ما كان بعد ساعة من أدائنا لصلاة المغرب و العشاء تقريباً .
يقول السيد الوالد لما توجهنا إلي فندق السلام أدخلوني مع السيد جعفر بحرالعلوم في قاعة كبيرة و رأيت أمامي في انتهاء القاعة أعمدة خشب فقلت في نفسي : إننا متوجهون إلى الشهادة لا محالة، و قلت للسيد جعفر : يا أبا أحمد هل تشهدت؟ فقال لي : و هل خفت يا صاحبي؟ قلت له : كلا لم أخف و لكن هؤلاء لا مانع عندهم من أن يقتلونا : فأبتسمة السيد جعفر و قال لي : أنا منذ زمن تشهدت .
و يستمر المرحوم الوالد في رواية المشهد المؤلم، يقول : ركبنا أنا و السيد الخوئي سيارة عسكرية حيث جلس السيد الخوئي في المقعد الخلفي و أمامنا ضابط و ورائنا سيارة عليها رباعية إضافة إلى أربعة من أفراد الحرس الجمهوري الخاص و أمامنا خمس سيارات و مثلها خلفنا و توجهنا إلى بغداد و الطريق مليء بالدبابات و الجيش و الحرس الجمهوري و الأمن الخاص .
توجهت السيارة التي تقلنا إلى مقر الأستخبارات العسكرية بعد أن اجتزنا نفقاً طويلاً، و قد سألني السيد الخوئي قائلاً : أين نحن الآن؟ فقلت له : إننا في مقر الأستخبارات، فسمعني الضابط الذي يجلس أمامنا فقال لي : ماذا يقول الشيخ؟ لأن السيد تكلم معي بالفارسية، فقلت له : يسألني عن المكان الذي نحن فيه فقلت له : إنه مقر الأستخبارات، فقال لي : و من أين تدري أن هذا المكان هو مقر الأستخبارات؟ فقلت له : سبق أن أتيت إلى هنا .
توقفت السيارة و أنزلوني و أخذوني إلي سجن انفرادي بعد أن أخذوا السيد إلى مكان مجهول .
و كان الوقت حينها حوالي الساعة العاشرة ليلاً فجلست بزيّي في زاوية من السجن المظلم الذي لا يرى فيه بصيص ضوء و بدأت الأفكار تتزاحم في رأسي حول المصير الذي ينتظرنا و دار في ذهني إعدام السيد الشهيد الصدر و أخته العلوية بنت الهدي و بينما أنا كذلك و إذا بشخص يقول لي : أنت محمد تقي؟ فقلت له : نعم، فقال لي : أنا جارك في النجف و للجار حق على جاره أطلب مني ما تريد، فقلت له : أولا كيف حال السيد الوالد؟ قال بخير، فقلت له : ثانياً إذا حان وقت صلاة الصبح فاطرق علي الباب، بعد مدة جاء ضابط ففتح الباب و هو يضحك و يستهزيء بي قائلاً : يا محمد تقي هل تريد أن ترى والدك؟ فلم أجبه، فقال : إن الحظ قد حالفك، قم فإن والدك يريدك، و أخذني في دهاليز لا حدود لها إلى أن انتهى إلى غرفة أدخلني فيها فرأيت كبار الضباط جالسين و على رأسهم المجرم صابر الدوري مدير الاستخبارات و الذي أصبح فيما بعد محافظاً لمدينة كربلاء المقدسة و ضباط آخرون أمثال وفيق السامرائي و بأيديهم بيان السيد الخوئي الذي أصدره في الأنتفاضة الشعبانية فجلست إلي جنب السيد الوالد سائلاً إياه : هل أعطوك شيئاً؟ فقال : لا، لكنهم يسألوني عن السيد مجيد، و كانوا يتناقلون بيان السيد الخوئي بين موافق و مخالف فبعضهم يقول : إن السيد يدعوا في بيانه إلى عدم الفوضى و التجاوز على حقوق الآخرين و عدم ترك الجثث في الشوارع إلى غير ذلك من الأمور التي نهى عنها الإسلام، في حين يرى آخرون خلاف ذلك، و بدأ التحقيق معي حيث استمر أكثر من ثلاث ساعات و لما انتهى التحقيق أخذونا ( أنا و السيد الخوئي ) إلى سجن آخر، و هناك حكى لي السيد الوالد أن الضباط كلما جاءوا إليه و شاهدوه في حالة صحية سيئة سألوه عما إذا كان يريد شيئاً، فأجابهم السيد الوالد : أريد ابني السيد محمد تقي و هو الأدرى باحتياجاتي، و قد عانى السيد الوالد كثيراً من الذهاب إلى التواليت نظراً لعدم وجود الماء فيه و صعوبة الوصول إليه، ثم جاءوا و أخذوني إلى التحقيق الذي تكرر فى هذا اليوم خمس مرات مع تفتيشي تفتيشاً دقيقاً، و لما رجعت من التحقيق سألت السيد الوالد : هل تناولت شيئاً، فقال لي : أعطوني عصير البرتقال، فقلت له : لماذا شربت، فقال لي : يا ولدي منذ ثمان و أربعين ساعة و أنا لم أتناول شيئاً فماذا أصنع؟
لقد بقينا لمدة يومين في هذا السجن و أخذونا بعدها و عند الصباح إلى صدام الذي بادر بالسؤال كيف صحتك؟ قال السيد الخوئي : ألحمد لله على كل حال إني قريب من الموت والموت قريب مني . وقال للسيد الخوئي هل ترضى بقتل المسلمين؟ فأجابه رحمه الله : ومن يرضى بقتل المسلمين؟ وقال صدام أنت يا سيد محترم – مخاطباً السيد الخوئي - لكن أولادك ! – ويقصد السيد عبد المجيد والسيد محمد تقي -.
طلب السيد الخوئي من صدام إطلاق سراح السجناء فتظاهر صدام بعدم معرفته بوجود سجناء و أدار بوجهه إلى صابر الدوري مستفهماً فقال له : نعم سيدي، وقال السيد الخوئي لصدام العفو عند كرام الناس مقبولوا , صدام قائلاً حتى المجرمين؟ السيد الخوئي العفو عند المقدرة . عندها التفت إلى السيد الخوئي قائلاً : عندما ترجع إلى النجف ستجدهم أمامك .
و تم إرجاع السيد الخوئي إلى مدينة النجف الأشرف و بسيارات عادية و قد بقي في بيت نجله السيد محمد تقي في حي السعد ما يقارب العشرة أيام حيت انتقل إليى منزله في الكوفة وطيلة هذه الفترة كان يرابض حول البيت اثنا عشر فرداً من الأمن والمخابرات و كان اثنان منهما يصاحباننا عند خروجنا من المنزل علماً أن السيد الوالد كان ممنوعاً من الخروج .
و هنا أشير إلي محاولات النظام في ابتزازه لبعض المواقف من أجل إعطاء صورة عن نظامه تخالف الواقع و من ذلك زيارة المبعوث الخاص لحقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة السيد صدرالدين آغا خان إلى مدينة النجف الأشرف و لقائه بالسيد الخوئي و طبيعي أن لا تكون الجلسة خاصة لأن المحافظ و مدير الأمن كانا أيضاً جالسين و كان الحديث يدور بين المرحوم الوالد و السيد صدرالدين آغا خان و لما جاء ممثل الأمم المتحدة الذي عين بديلاً لصدرالدين آغاخان ( السيد فان در شتويل ) وكان جريئاً إلى حد لا يوصف حيث شن النظام عليه حملة إعلامية شعواء وصفه خلالها بمختلف النعوت متهماً إياه بالجاسوسية و تشويه الحقائق، و عند قدومه لزيارة السيد الخوئي في منزله في حي كندة في الكوفة توقف عند باب البيت ثم دخل و أغلق الباب بيده و أبقى المحافظ و مدير الأمن خارج البيت، فكان المجلس خاصاً لم تراقبه عيون النظام و قال للسيد الوالد : تكلم بكل ما عندك، فبدأ السيد الوالد بالحديث عن انتهاكات النظام و منها سجنه للعلماء من أبناء الحوزة العلمية و إحراق المكتبات و هدم المدارس الدينية و الحسينيات و المساجد و كم الأفواه .. الخ من التفاصيل المتعلقة بانتهاكات النظام فما كان منه إلا أن يعد السيد الوالد بإيصال هذه المعلومات إلى هيئة الأمم المتحدة، و قد التقيت به في العاصمة الهولندية أمستردام حيث قال لي إن والدك ( السيد محمد تقي ) من الأشخاص القلائل الذين التقيت بهم و تفرست فيهم الشجاعة .
و من الذكريات التي لا أنساها هي أن محافظ النجف المدعو كريم حسن رضا المعروف بممارساته اللا أخلاقية و عنجهيته الفارغة، إذ لم يأت لزيارة السيد الخوئي عند تسلمه منصبه في النجف الأشرف و قد كان مألوفاً أن يأتي المحافظ الجديد لزيارة السيد الخوئي .
لكنه و في أحد الأيام جاء و بصحبته مدير أمن النجف لزيارة السيد الخوئي و لما استقر به المكان توجه إلى السيد سائلاً إياه عن الوضع المعاشي و الاقتصادي إضافة إلى حالة الماء و الكهرباء في المدينة و السيد يجيبه قائلاً : الحمد لله على كل حال، عندها قال له : سيدنا عندنا اليوم صحفيون أجانب يريدون مقابلتكم للسؤال عن الوضع الاقتصادي و المعيشي فأجيبهم بأننا لا توجد عندنا مشكلة و الوضع جيد، فالتفت إليه المرحوم السيد الوالد قائلا له : ينبغي عليك أن تجيبهم أنت فما هي سمؤوليتك و ما هو واجبك؟ إن أمثال هذه الأمور لا يجيب عنها السيد الخوئي، فنهر والدي بكلمة مخجلة قائلاً له : أنا جئت لأسأل الشيخ الكبير لا لأسألك، ثم التفت إلى السيد الخوئي قائلاً : ما رأيك : فأجابه السيد بكل برود : إن رأيي هو ما يقوله السيد محمد تقي، عندها خرج مغضباً حتى أن مدير الأمن توجه نحو السيد الوالد بضحكة مليئة بالسم و ضرب على كتفه قائلاً : على مهلك على مهلك، ألم تخف بعد أبيك؟ فقال له الوالد : لا، فقال له مدير الأمن متوعداً : خير إن شاء الله، و عند مجيء وزير الأوقاف لزيارة السيد الخوئي أتذكر أن السيد قال له : إنكم لا تفهمون بهدمكم لمكتبة و مدرسة الإمام الحكيم ( دارالحكمة ) لأنكم بهذا العمل قد أتلفتم التراث الإسلامي فبدل إتلافكم لأكثر من أربعة آلاف كتاب خطي كان بإمكانكم أن تنقلوها إلى متاحفكم وتفتخرون بهذا الكم الهائل من المخطوطات الإسلامية النفيسة، كما تطرّق سماحته إلى أقطاب الحوزة العلمية المودعين في سجون النظام، و لما تدهورت صحة الإمام الراحل أتذكر أن المرحوم السيد الوالد طلب من مدير الأمن أن ينقل السيد الخوئي إلى الأردن للعلاج، فرفض الطلب و قال إنه ممنوع أن يخرج من العراق و يمكن أن تجري له العملية في بغداد، و بعد يأس الوالد منهم طلب أن يسمحوا بإدخال أجهزة و أدوية من الأردن فرفضوا و قالوا : كل شيء تريده فهو موجود عندنا في بغداد، و أخيراً أجبرونا على القبول و أجريت له العملية في مستشفى ابن النفيس في بغداد بإشراف لجنة تتألف من تسعة أطباء فكان هؤلاء الدكاترة يتناوبون في إعطاء العلاج، و نحن لا نعلم طبيعة هذا العلاج و هذا ليس تقصيراً منا و لكن الحالة الصحية التي يمر بها السيد اقتضت ذلك و نحن غير قادرين على التحقق من العلاج الذي أعطي له، و بعد أسبوع من إجراء العملية رجع السيد إلى مدينة النجف الأشرف .
و في يوم 7 صفر 1413 ه تدهورت حالة السيد الصحية فاتصل الدكتور حسين الطيب بالدكتور مجيد عبدالأمير و هو طبيب السيد الخاص في بغداد و وضع له الأوكسجين في هذا الوقت طلب السيد من الأسرة تجتمع و أخذ يسأل عن أحوالهم واحداً واحداً .
في الساعة العاشرة صباحاً تحسن وضع السيد و كان إلى جنبه الشيخ محمد حسن نجل آية الله الشيخ محمدرضا آل ياسين يتحدث معه و هو آخر من زاره .
في يوم 8 صفر و عند أذان الظهر توضأ السيد و لبس العمامة و توجه إلى القبلة في هذه الأثناء كان المرحوم السيد الوالد جالساً في صالة الاستقبال فجاءه أحد خدم السيد الخوئي مسرعاً لرؤيته تغيراً في وجه السيد حيث بدأ وجهه يشع نوراً و بمجرد دخول الوالد إلى الغرفة كبر الإمام لدخول الصلاة بعد الأذان و الإقامة رجع إلى الإمام الى الخلف وفاضت روحه الطاهرة في يوم 8 صفر 1413 ه الموافق 8/8/1992 م في الساعة الواحدة بعد الظهر تقريباً .
و لئلا يكون هناك اتصال بيننا و بين الداخل و الخارج فقد قطعوا الاتصالات التلفونية و في الساعة الثالثة عصراً جاء بعض الأخوة المؤمنين و هم في حالة من الحزن و الأسى و البكاء، كما جاء محافظ النجف و مدير الأمن .
و بعد المغرب جلس في منزل السيد الخوئي السيد السيستاني و السيد البهشتي و الشيخ محمد إسحاق فياض و آ خرين و كنا نرغب بأخذ السيد إلى مدينة كربلاء المقدسة لأداء زيارة الإمام الحسين ( عليه السلام ) و أخيه أبي الفضل العباس سلام الله عليه ليتم بعدها دفن جثمانه الطاهر في النجف الأشف، أما ما جري حولنا فقد أقام الحرس الجمهوري خيمتين أمام البراني استقر فيها الحرس الجمهوري و هم في حالة إنذار شديد خشية حصول رد فعل من الجماهير الغاضبة، الوضع مخيف و مرعب و الأفراد الذين يدخلون علينا خائفون و كان مدير الأمن علي اتصال برئاسة الجمهورية .
في الساعة العاشرة ليلاً جاءنا مدير الأمن ليقول لنا : إن السيد يدفن الساعة الثانية عشر ليلاً، في حين إننا أعلنا أن التشييع سيكون في الساعة التاسعة صباحاً من جامعة النجف الدينية توجه السيد الوالد إلي مدير الأمن بتأثر و انفعال قائلاً له : إن السيد الوالد لم يغسل و لم يكفن فلماذا هذا التعجيل بالدفن؟ فقال له : إن الأوامر الذي وردتنا تقول هكذا، و عندما رأى غضب السيد الوالد قال له : لا ترفع صوتك ( والدك قد مات ).
عندها جاء الشيخ شريف كاشف الغطاء فأخذ بيد السيد الوالد و انتحى به جانباً قائلاً له : إن هؤلاء لا مانع عندهم من أخذ الجثمان و دفنه فدعني أتحدث مع مدير الأمن .
فخرج السيد الوالد من الغرفة و بقي الشيخ شريف كاشف الغطاء و مدير الأمن يتحدثان بعدها خرج مدير الأمن و أجرى اتصالاً برئاسة الجمهورية عاد بعدها ليقول لنا : هيئوا جنازتكم الساعة الثالثة ليلاً و إلا سنتولي نحن دفنها .
قام بتغسيل السيد الخوئي أحد المؤمنين اسمه ( السيد جابر ) و بعد تغسيله و تكفينه و اجهتنا مشكلة التابوت الذي لم نحصل عليه إلا بعد عناء طويل .
و في حدود الساعة الثالثة و النصف ليلاً ( قبل أذان الصبح ) جاءنا مدير الأمن قائلاً لا تخرج مع الجنازة سوى ثلاث سيارات فكان مجموع الذين خرجوا معنا ثلاثة و ثلاثين شخصاً ( ثلاث سيارات صغيرة مع سيارة ميتسوبيشي ).
فلما خرجنا من الكوفة كانت أمامنا سيارات عسكرية و عليها الدوشكات و أفراد من الحرس الخاص إضافة إلي سيارات تحمل مجاميع من المخابرات و كانت فروع الشوارع تغص بالمسلحين و كذلك العمارات و أسطح المنازل و كانت الكاميرات ترافقنا .
و بعد الزيارة لمرقد الإمام أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) توجهنا إلى مسجد الخضراء حيث قام بدفنه ( قدس سره ) الدفان الحاج فاضل أبوصبيع، و كان يرافقنا مسؤول الأمن الخاص في الفرات الأوسط - و هو برتبة عقيد فلسطيني الأصل اسمه قيس - هو المتصدي لمراسم الدفن، و في الساعة الخامسة و النصف صباحاً تقريباً تم دفنه رضوان الله عليه .
و لمثله جرت الدموع دماً و لمثله جمدت و لم تجر
و إنا لله و إنا إليه راجعون، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .